29‏/12‏/2010

إني أرى الإلحاد عاريا !!


بسم الله الرحمان الرحيم
كان أحد الملوك يستمتع بنفاق حاشيته و شعبه، فخرج عليهم في الاحتفال بمناسبة تتويجه، خرج عليهم عاريا، فأخذت الحاشية التي تغلغل النفاق في قلوبه تمدح الملك على جميل ثيابه و عظيم حياءه و مرهف حسه، و من وراء الحشية ردد المنافقون من الشعب مثل أقوالهم... و لكن طفلا نظر إلى الملك و تعجب و قال : " و لكني أرى الملك عاريا !! "
كذلك الحال !!
الملحد يعرض عورته الفكرية _ و الإلحاد عورة فكرية _ على أقرانه، فيتسارعون إليه زرافات ووحدانا، و يكيلون له الثناء أشكالا و ألوانا، لكني رغم هذا الكلام أقولها ببساطة بعيدا عن النفاق : " لكني أرى الإلحاد عاريا !! "
أخي المسلم !! يا من رأيت رماد الإلحاد فحسبته نورا، سأنزع هذه الأردية الكاذبة التي تحول دون رؤية الفكر الإلحادي و عريه الواضح، فخذ عني بعضا مني.

الرداء الأول : مدح المادحين و كذب المنافقين
" إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا "

أخي المسلم المتردد : إسمع مني و لا تعجل علي
يا من اغتر بشيء من كتابات الملاحدة .. اسمع مني .. فلست ممن ينافقك .. إنما أنا لك ناصح أمين .. لو علم القلم خوفي عليك لانفلق .. و لو علم الورق فحوي مقالي لاحترق.
اسمع خطابي للملحد و عهدي بك أنك ستفهم ما وراء الكلام.
أيها الملحد !!
لا تعجل علي حتى لو قلت لك كما قال برنارد شو : " إني لا أجد عقلا يستحق احتقاره إلا عقل شكسبير "
لا تعجل علي حتى و إن قلت لك : " إني أرى الإلحاد عاريا !! "
أقول لك : إن هؤلاء الذين يمدحون مقالك و يرددون أقوالك، لو علمت منهم ما أعلم من شأنهم مع أمثالك، لأحرقت مقالك و لنبزت أقوالك إذ أثنى عليها الكذاب المنافق
ما مثلك و أمثالهم إلا كهذا المجرم الفاتك الذي قال له المنفلوطي :
"شريكك في الجريمة هذا المجتمع الإنساني الفاسد الذي أغراك بها، و مهد لك السبيل إليها، فقد كان يسميك شجاعًا إذا قتلت، و ذكيًّا فطنًا إذا سرقت، و عالمًا إذا احتلت، و عاقلًا إذا خدعت، و كان يهابك هيبته للفاتحين، و يجلك إجلاله للفاضلين، و كثيرًا ما كنت تحب أن تري وجهك في مرآته فتراه وجهًا أبيض ناصعًا فتتمني لو دام لك هذا الجمال، و لو أنه كان يؤثر نصحك، و يصدقك الحديث عن نفسك، لمثل لك جريمتك في صورتها الشوهاء، و هنالك ربما وددت بجدع الأنف لو طواك بطن الأرض عنها، و حالت المنية بينك و بينها"
هذا حالهم معك، و تلك حالك معهم !!
ينافقونك و تحب النفاق، و يداهنونك و تحب المداهنة
فاسمع !! لعل كلامي هذا يكون أصدق ما تسمع !!
* بعضهم يمدحك أملًا أن تصير مثله لتحصل له الطمأنينة، فهو يزخرف لك طريق الإلحاد بخادع الزينة .
إن كنت مسلمًا تعبر عن ترددك مدح فيك الصدق مع الذات، و طالبك بالسير في هذا الطريق - تحت عينه - علك تجد الهداية !!
إن أعلنت عدم اقتناعك بالإسلام و توجهك للملذات، طالبك بمزيد من البحث في المذاهب و الأديان علك تجد في إحداها الغاية !!
إن أعلنت لا دينيتك و رفضك للترهات، طالبك بالمزيد لربما تصير مثله في النهاية !!
فإن أعلنت إلحادك، فمرحى مرحى، فقد تحقق المراد، و ما مدحك أولًا و آخرًا إلا لتنضم إليه لتحصل له الطمأنينة !!
علك تسأل : و ماذا تقصد بالطمأنينة ؟
ألا تعرف ؟!!
ألا تدري أن الملحد مهما أظهر من الثقة في كلامه فهو شك و ريب ؟ و كم تمنى لو علم الغيب !!
الملحد دائما يسأل : " ماذا لو كنت مخطئا ؟؟ " تأمل هذا السؤال يدور في خلده بين الفينة و الأخرى.
إنه يقول : حياة ثم موت ثم بعث حديث خرافات، لكن ماذا لو كان بعد الموت بعث و بعد البعث نحشر أجنعين ؟
هو يخاف، فيريد أن يزيد من عدد أقرانه عله يحس الطمأنينة، و لكن هذا لا ينفعه، اقرأ قوله تعالي :
" احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ "
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " أزواجهم : أشباههم و نظراءهم "
* بعضهم يمدحك لصداقة بينك و بينه، و لكن لا تظلم نفسك و تصدق هذا المدح الكاذب، ألم تسمع بنداء من يفعل ذلك يوم القيامة ؟؟
اقرأ قوله تعالي : " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً "
* بعضهم يظن نفسه الملحد المخضرم، و أنه في نظر الملاحدة كبيرهم الذي علمهم الكفر، فيمدح مقالك لترد عليه " يكفيني تشريف مثلك لمقالي ، فأنت .. و أنت .. "
و هو ما راغ إلي مدحك باليمين، إلا لينال أضعاف ذلك بالشمال و اليمين.
* بعضهم يمدحك لمحبة بينك و بينه.
إن هواك الذي بقلبي *** صيرني سامعًا مطيعًا.
و هذا المدح الكاذب لا يصدر إلا عن غشاش مخادع.

* بعضهم لا يترك لك مقالًا إلا سجل تقديره و إعجابه، حتي تطبع اسمه في ذهنك، و تحفظ له جميل صنعه، و تحمل في قلبك من الود ما تحمل لمادح مثله، فإذا أراد التعرف عليك وجد ذلك سهلًا ميسورًا، و ما مدحك ابتداءً إلا ليلج إليك من هذا الباب، باب حبك للمادح الكذاب.
لست تنفك راجيًا لوصال *** من حبيب أو راجيًا لنوال.
أي ماء يبقي لوجهك هذا *** بين ذل الهوى و ذل السؤال ؟!
* بعضهم يجد لك مقالًا قد ضمنتَه الأبحاث العلمية، فيسجل موافقته و رضاه، و كأنه قرأ و فهم، و فكر و قدر، و عن علمٍ حكم، و ما قرأ إلا تلك الإشارات إلى الأبحاث الموسومة بأنها علمية مع بعض الكلمات الأعجمية، فقال في نفسه " إن سجلت التأييد، فسيقول الناس : ليتنا أوتينا من الفهم مثل هذا الصنديد !! "
* قد يجد مقالك من المسلمين منتقد، و لم يثن عليه أحد، فيسارع إلى تسجيل الإعجاب، لا عن اقتناع، و لكن إشارة إلى اللبيب، أن إذا وجدته في مثل حالك فبادر لمساندته من قبيل " هذه بتلك "
* قد يكون مقالك ضد علم من أعلام المسلمين أو عقيدة من عقائدهم، فإذا وجده كذلك دفعه الحقد على الإسلام إلى المبادرة بالمدح، ليس لأنه قرأ مقالك و لكن من باب " ليس حبا في علي، و لكن بغضا في معاوية !! "
* بعضهم يمدحك إذا وجد غيره من الملاحدة قد صدقك القول و بين لك أنك افتريت، فيبادر إلي مدحك لتعلم أن الملاحدة منهم من يمدحك و من يذمك فلا تكره الإلحاد فيهم فتظل علي الإلحاد مثلهم !!
* بعضهم يقنع نفسه أن الذين انتقدوا المقال من ذوي العقليات الرجعية، فيمدحك ليدفع عن نفسه الشعور بالدونية !!
* بعضهم يمدحك لأنه رأى غيره مدحك، و كما يقال في المثل " كلبٌ ينبح لأنه رأى شبحًا، و ألف كلب ينبحون لنباحه " هذا مثل على ما أظن من الصين، يبين لك الموقف واضحًا، و إن لم أقصد به - في الغالب - الإسقاطات الشخصية.
هذا حال من غرك مدحه ؟
أتريد اختبار صدق المادح ؟
اسأل : أفهمت الفكرة واستوعبت العبرة ؟
فلابد من (نعم، و لما مدحتك إذن ؟!!)
فقل له : فخذ هذا المقال واعرضه على المسلمين العالمين العالمين، و نافح عنه و جادل ؟!!
فسترى الفرار المشين !
و مالي أذهب بعيدا ؟!!
أنت نفسك تصدق هذه الهالة الكاذبة من المدح و تحبها و تسعي إليها و تكتب من أجلها.
سل نفسك : لماذا أسأل الملاحدة عن أمر أشكل علي في الإسلام و لا أسأل عنه طلبة العلم المسلمين فضلًا عن علمائهم ؟
سل نفسك : لماذا أضع ما أزعم أنه " سورة " أعارض بها القرآن عند الملاحدة المستعجمين، و لا تسعفني الشجاعة لعرضها عند أرباب الفصاحة و البيان ؟!!
سل نفسك : كم من كلمة لفظتها أمام الملحد متراخيًا و أنا على يقين أني لا أستطيع إثباتها مع طفل مسلم ذي علم ؟
سل نفسك : لماذا أناقش علم الأجنة في القرآن و السنة مع الملاحدة و لا أناقشه مع أطباء المسلمين ؟
تدري لماذا ؟
لأنك تبحث عن الضلالة لا الهداية، الفراغ لا الحقيقة، تريد المنافقين لشخصك لا المخلصين في نصحك، تبحث في النفاق عن الراحة، و لا راحة إلا في الصراحة، تريد الهزل لا القول الفصل، تخشي أن :
تري إلحـــادك عاريًا !!
أيها المسلم المتردد الذي اغتررت ببعض كتابات الملحدين : هذا المدح من الأقنعة الزائفة التي تحول دون رؤية الفكر الإلحادي علي حقيقته، أرجو الله أن أكون وفقت في كشفه و بيان زيفه.
أيها الملحد :
لقد صدرت كلامي بقول خليل الله إبراهيم لقومه : " إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا "
و آن الأوان لتعلم نهاية هذه المودة، فاقرأ : " إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً "
فيوم القيامة : " الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ "

سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.
-----------------------------

الحيلة الدفاعية الثانية : تُرَاهُ مِثْلَ الْفَأْرِ يَا أَبِي ؟
قال تعالى : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ "


ذكر أنّ رجلًا سُجِن و معه طفله الرضيع، و مع تعاقب الأيام ومعها بعض أعوام صار الرضيع كالغلام، و بينما والده يتكلم إذ ذكر فيما ذكر الأسد.. الغلام لم يرَ حديقة حيوان، لم يرَ رائيًا، لم يرَ بيتًا ؛ فسأل الغلام (و ما الأسد ؟!!)، فاستعبر والده، و أخذ يصف له الأسد، يصف قوته، يصف بنيته، يصف.. و بعد طول وصف قاطعه ولده قائلًا (تراه مثل الفأر يا أبي ؟!!)

هو لم يرَ إلا الفئران ، هو يقيس على الفئران كل حيوان ، هو مسكين !!

كذاك الملحد لم يرَ إلا زبالات الأفكار ، و سوءات المشاعر، فظن كل تصرف – و لو نَبُل – فِعلَ سوءٍ !!
هو لم يرَ إلا القمامة، هو يعتبر كل الناس مثله من هواة جمع القمامة، هو مقزز !!
يري في الناس عيوب نفسه، و هم براء من تلك العيوب، و أفعالهم براء من كل سوء.

قال صاحبي : و لكن حسن الظن لا يصلح دائمًا .. فهناك فرق بين حسن الظن و الغفلة..
قلت : و ما لنا و للغفلة ؟!!
إن كان الفعل فعلًا خبيثًا في ذاته، فلا عليك أن تعتقد في فاعله العيب، فلو رأيت رجلًا وُدُّه للمنافقين فاعتقدت فيه حب النفاق فأنت معذور بلا ريب..
لكنْ لو كان فعلًا محتملًا _كمعظم الأفعال_ فعليك بحسن الظن إلا إن تكرر من صاحب الفعل ما يدل على خبث الطوية و سوء النية فلك أن يغلب ظنك بعيبه لكنك لا تستطيع الجزم.
أمَّا أن ترى فعلًا من فاعلٍ عُرِفَ بحسن السيرة و نبل المسيرة، فتفسره بأخبث ما أنت راءٍ من تفسير، فهذا يدل على خبث طويتك و سوء نيتك إن أنت فعلت !! و أي خبث !! و أي سوء !!
و ليس حمل الأفعال على أسوء تفسير يحتاج إلى عبقرية إلحادية خاصة بل هو أمر يسير، كما قالوا عن الشهد :
تقول هذا مجاج النحل تمدحُهُ ... وإن تَعِبْ قلت ذا قيءُ الزنابيرِ

سأل : و ما اسم هذه الحيلة التي تجعلك تفسر تصرفات الآخرين من خلال ميولك و دوافعك..
قلت : هي الإسقاط قولًا واحدًا .. و ما أدراك ما الإسقاط ؟!!
أردفتُ قائلًا : أرأيت خسة نفس، و انحطاط همة، و قلة عقل، و سفاهة فكر أكثر من هذا الأقرع ؟

أي أقرع ؟!!
الأقرع الذي حكى عنه الجاحظ أنه لما قيل له : ما تتمنى ؟ قال : أن يكون الناس مثلي حتى أنظر إليهم بالعين التي ينظرون إليّ بها.
أرأيت خسة نفس، و انحطاط همة، و قلة عقل، و سفاهة فكر أكثر منه ؟
و لم أنتظر جوابًا فأضفت :
أنا رأيت..
رأيت كافرًا..
"وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء"
و رأيت أشد الكفار صفاقة وجه، و سماكة جلد، و تبلد حس، و خبث طوية
قَبُحَتْ مناظرُهم فحين خبرتهم ... حَسُنَتْ مناظرُهم لقبحِ المخبرِ.

رأيت ملحدًا..
هذا الأقرع عرف عيبه، عرف أن الناس ليسوا مثله..
لكني رأيت ملحدًا لا يرى عيب نفسه، و يرى في غيره عيب نفسه..
هذا الأقرع فقد شعره، و لا ملام..
و ذاك الملحد فقد شعوره، و عليه الملام..
إذا ما كانت الهمم المعالي ... فهمُّك ما يكون به الملام
قُبِّحْتَ ولا سقاك الله غيثاً ... وجانبك التحية والسلام !

هذا الأقرع لم يعير أحدًا بما لم يره..
ذاك الملحد عير ببجره غيره !! و نسي خبره !!
لسان حاله : أبت شفتاي اليوم إلا تكلماً ... بشرٍّ فما أدري لمن أنا قائله

رأيت ملحدين أسقطوا عيوبهم على أشرف المرسلين.. على صحبه الميامين.. على جماعة المؤمنين.. بل على رب العالمين !!
رأيتهم شهوانيين يتهمون سيد الورى صلى الله عليه و سلم بما ملأ قلوبهم من أسقام !! يفسرون كل فعل من خلال قذارتهم !! يفهمون كل تشريع من خلال زبالتهم !! تجدهم هكذا يجمجمون و يروحون و يأتون فإن صرحوا فهي الشهوة !!
فالتعدد مسألة شهوة !! و ما تفتق ذهنهم ففهموا أن لو كانت المسألة مسألة شهوة لما حُرِّمت النظرةُ و اللمسةُ و الخلوة !! بل كان يكفي أن يسكت الشرع عن مسألة التعدد بأربعة فيبقى الأمر على إباحة التعدد بأكثر من أربعة !!
الغنائم شهوة مال !! و ما خطر ببالهم أن السرقة أسهل من تعريض النفس للقتل في الجهاد لتحقيق الثروة !! و طبعًا لو تعمقت معهم في فقه المسألة و فقه الخُمْس من فقه المسألة فستجد خشبًا مسندة مكسورة مهشمة !!
الخلافة و الطاعة شهوة سلطان !! و قد قال صلى الله عليه و سلم : (إنكم ستحرصون على الإمارة وإنها ستكون ندامة وحسرة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة).

إن سمعوا خبرًا من نوع ما يفعل الزوج مع زوجته، فسروه تفسير قوّادٍ أنساه إلفُ المهنة عفةَ النكاح..

فإن قلت " ذاكَ فعلُ جِبِلَّةٍ !! "، قالوا موهومين بالظفر " لكنه.. لكنه رسول الله.. رسول الله !!"

فلله كم من أحمق في نعمةٍ !!

و لأنه رسول الله تفسر أفعاله الجبلية بأسوأ تفسير _لا أقول يُحْتَمَل_ بل بأسوأ تفسير لا يغتفر ؟!!
و لأنه رسول الله يدع الأمة لا تدري في شأن من شؤون حياتها ما تأتي و ما تذر ؟!!
و لأنه رسول الله يترك أمته لا تدري في نهار رمضان ما يجوز، و ما يمتنع ؟!!

صرختكم هذه " لكنه رسول الله " عين حجتنا، و شمس أدلتنا، و لكنكم تذكرونها كالحُمُر.. حُمُرٌ لا تفر من القسورة لكنها تقف تستفزه تحسب حلمه ضعفًا، حُمُرٌ تقيس القسورة على الفأر.. فإن زَأَر !! خَارَتْ حُمُر!!

أيها الملحد..
اعرف حدك !! و اعلم أنَّا نعلم أنك تلقيت زبالات أفكارك من على موائد البراغيث في عوالم الانحطاط ، فإن أردت أن تستقيء هذه الزبالات فافعل بعيدًا وحيدًا و إلا فأمسك حتى نمسك عنك !!
كأنك قملة لقحت كشافاً ... لبرغوث ببعرة أو صواب.
فمالك و أفعال الكرام ؟!!
مالك و أفعال رسول الله صلى الله عليه و سلم خير أفعال من خير إنسان !!؟
قال صاحبي : اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

تابعتُ :
لأنهم يحبون المؤامرة، و لو احتاجوها لحاكوها، و ما تلبثوا فيها إلا يسيرًا، ظنوا في الصحابة رضوان الله عليهم المؤامرة..
المؤامرة على التاريخ فقالوا " يكتبه المنتصر!! "
و ما علموا أن تاريخنا منقول بالسند و فيه خارجي و رافضي بل كذاب أشر !!
فأتونا بحدثٍ قد قُطِع أو حقٍّ قد بُتِر !!
المؤامرة على الخلافة فقالوا اتفق أبو عبيدة مع أبي بكر و عمر !!
و ما علموا أن الثلاثة لا تخيل مؤامرتهم على ألوف غير من ذُكر !!
و ما علموا أن الثلاثة من خير البشر بعد الأنبياء و الرسل !!
المؤامرة على القرآن فحذفوا ما استقر !!
و ما علموا أن الأمر عند العرب إن أذيع فقد حُفِظَ و انتشر !!
يفعلون مع الصحابة ما أتاه أصحاب الدرك الأسفل من النار..
"الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"
المنافقون عندما أرادوا تفسير فعل المؤمنين حين تصدقوا قالوا : إنهم تصدقوا رياءً !! 
و هكذا يتآخى الإلحاد و النفاق !! أخوة في الشيطان ستفكها النيران !! 
بل هم أقذر من المنافقين.. 
هم عبثيون.. 
عبثيون رأوا في الكون بما حوى، رأوا في الإنسان بما وعى، رأوا في الموت و البلى، رأوا في الأفلاك الجارية، في الرياح السارية، في أسرار القلوب، في خفايا الصدور، في خبايا النفوس، في الآفاق البعيدة، في الآيات العديدة..

رأوا في كل هذا عبثية !! و نداء الله يعلوهم :
"أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ، فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ"
قال صاحبي : "فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ"
فلا عجب أن يأتونا بالأذى، فنحن في صراط سبقنا فيه الرسول صلي الله عليه و سلم و الأصحاب عليهم الرضوان، و هم في سلسلة سبقهم فيها المنافقون، و الأرواح جنود مجندة، و الطيور على أشكالها تقع..
..أتونا بالأذى، و لن يضرونا إلا أذى
لأنهم جهلة يتهمون الموحدين بالجهل..
لأنهم عاجزون عن بيان مذهبهم _و لا مذهب و لا بيان و لا شيء إلا الخواء_  اتهمونا بالعجز عن فهم قولهم !!
لأنهم متكاسلون عن الوصول لحقائق الإيمان بعقولهم و قلوبهم ، اتهموا الموحدين بأنهم مثلهم، ثم أرادوا التمويه فقالوا ( أنتم تقلدون آباءكم ) !! هكذا !! أفكل تشابه يكون عن تقليد !! فضلًا عن السؤال : ما الفرق بين التقليد و الاتباع ؟!!

فاحذر أخي ثم احذر ..!!

احذر أن تجاريه في تفسيراته لأفعال أحد بدوافعه !! فخذ الأفعال مع أخلاق الفاعل و سجاياه فإن استطعت فأضف الظروف المحيطة!! لكن إياك أن تضع في حسبانك نفسية الملحد !! اضرب بها عرض الحائط و لا تهتم !! فهم :
أناس إذا الهيجاء شبت رأيتهم ... أذل على وطء الهوان من النعل.

لكن عليك بالحكمة مع ذلك في آن !! فحدث الناس على قدر عقولهم !! لكن إن كان المخاطب أهلًا للحديث فحاججه بالعلم !! فإن مال للتفسير بالدوافع فلا تمل معه !! فإلزامنا بدوافعه ما صح في الأثر و لا النظر !! فلا تأس على من كفر !!

قال صاحبي : استفتحت بقول الله تعالي ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ ) فأين العاقبة ؟

قلت :
"أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ * مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُبِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ"
و لهم من عاقبة الذين يلمزون المطوعين نصيب "سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"
فإن تك قد أصبت نعيم دنيا ... فلا تفرح فقد دنت القيامه

قال صاحبي : فالتالية في التالية إن شاء الله..
قلت : هو ذاك، سلام عليك سأستغفر لك ربي، و لا تنسني من دعائك..

سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.


بقلم : حسام الدين حامد
---------------------

المقالات كاملة :
إني أرى الإلحاد عاريا (4) : الإلحاد والعلم